من القصص الشهيرة جدًّا فى التاريخ، تلك القصة عن الفيلسوف والرياضى العظيم أرشميدس، صاحب مقولة (وجدتها وجدتها) إياها. الرجل الذى أتعبتك دراسة نظرياته الخاصة بالحجم والكثافة وإزاحة السوائل، والذى استطاعت اختراعاته أن تحمى جزيرة صقلية من الغزاة لفترة طويلة
تقول القصة إن غزو الجزيرة نجح فى النهاية بفضل (الولس).. أى أن الخيانة أدت إلى سقوط البلاد، ولم يكن عمنا أرشميدس حاضر الذهن عندما حدث هذا.. كان فى بيته منهمكًا فى حل مسألة هندسية معقدة أنسته كل شىء. أى أن الجزيرة تم احتلالها ووقعت المذابح والحرائق فى الشوارع، وهو لا يعلم شيئًا، ويجلس القرفصاء على الأرض، يرسم بالطبشور ويحاول إيجاد حل هندسى صعب. وما حدث هو أن الرومان دخلوا بيته وذبحوا الجميع.. وفوجئ العالم وهو مستغرق فى التفكير بصندل رومانى ملوّث بالعرق والدم والغبار يدخل مجال رؤيته ويدوس على الدوائر الطبشورية.. لم يرفع رأسه أو ينهض، بل قال فى تهذيب:ـ
ـ«من فضلك.. لا تفسد دوائرى»ـ
بالطبع كان رد الجندى هو أن قطع رأس العالم. أفسد دوائره فعلًا بالدم الذى سال ليغرق الطبشور. هذه قصة شهيرة جدًّا وإن كان أول ما تثيره من أسئلة هو: مَن رأى هذا ليحكيه فى ما بعد؟ ليس الجندى الرومانى بالتأكيد.. لكنها قصة مفعمة بالرموز والمشاعر الجيّاشة على كل حال
ما حدث هذا الأسبوع هو أن هذه القصة تكررت تقريبًا بنفس الشكل، لو افترضنا أن الجندى الرومانى هو مديرية أمن الإسكندرية والفيلسوف هو شارع النبى دانيال